بقلم سيندي أبو طايع
الرياضيين.. الوجه المشرق للحضارة.

الحقّ أقول لكم، إذا كان الجرح بداية الشفاء، فلا شفاء دون جرح. وإذا كان لا شفاء دون جرح، فكذلك لا أمل دون عناد مُبطلٌ للموت. وإذا كان الأمل عناد مبطلٌ للموت، فذلك لأنّ السماء أكبر من الأرض. ومثلما يفعل الشغف بالطموح حيث يرتّبه من الداخل، كذلك يفعل الإيمان بالحلم، فلا يظلّ بعيداً بل يقترب من تلقائه لمجاورة أهدافه.
الحق أقول لكم، هكذا هي ليتيسيا عون تُعاند اليأس بالحلم، والاستسلام بالقتال، وتعيد وشاح الأمل الى لبنان الأولمبي الهرم.

قبل ثلاث سنوات، وبعد تعثّرها في الثواني الأخيرة في التأهل لأولمبياد طوكيو2021 (النسخة ال32 من الألعاب الأولمبية المؤجلة من صيف 2020 بسبب وباء كوفيد)، كادت نجمة التايكواندو اللبنانيّة الحائزة على الحزام الأسود أن تعتزل، لتكتشف بعدها أن التجارب القاسية هي وحدها التي تصنع وتصقل وتوصل. وأن الخسارة ومهما كانت قسوتها، ليست بنهاية. إنمّا هي باب. وفيه ثمّة إيحاء بأنّ الفوز لا يكمن إلاّ هنا. وقبل أيّام قليلة، خطفت صاحبة برونزية دورة الألعاب الآسيوية 2018، وفضية بطولة فرنسا المفتوحة 2021 وبرونزية بطولة آسيا 2024 البطلة ليتيسيا عون قلوب وأنظار اللبنانيين المنتشرين في العالم، حيث تمكّنت من تحقيق إحدى أكبر المفاجآت في منافسات التايكواندو بأولمبياد باريس 2024، لوزن ما دون 57 كيلوغرام، بإقصائها وصيفة بطولتي العالم الأخيرتين وصاحبة برونزية أولمبياد طوكيو والمصنفة السادسة عالمياً التايوانية لو شيا لينغ من الدور الأوّل، ولعلّ المفارقة الكبرى لطعم هذا الفوز هو الثأر لخسارة التأهل لأولمبياد طوكيو أمام اللاعبة التايوانية نفسها، فالتايكواندو ببساطة هي الروح التي لا تقهر، لتتأهل بعدها البطلة اللبنانية الى الدور الربع نهائي بعد تخطيها المقدونية ميليانا ريليكي بفوزها عليها بمجموعتين للاشيء، فالنصف نهائي حيث كانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق إنجاز تاريخي بالحصول على أوّل ميدالية أولمبية للبنان منذ 44 عاماً، قبل أن تخسر توالياً وهي مصابة في نصف النهائي أمام الإيرانية ناهد كياني شانده، فمباراة الميدالية البرونزية أمام الكندية سكايلر بارك، لتحتلّ بعدها المركز الخامس في أولمبياد باريس في وزن تحت ال57 كلغ، والمركز الذهبيّ في قلب شعب يحبّها.

الحقّ الحقّ أقول لكم، حلمنا بتحقيق ميدالية أولمبية خامسة مازال قائماً، فرغم كلّ الصفعات والأزمات والهزات والحروب والإنكسارات تبقى الإرادة وصناعة التاريخ لنا. فأرضنا ليست ب عاقر. كلّ أرض ولها وثيقة ولادتها. وكلّ حلم وله اشراقة شمس.

بانتظار أن يصبح دعم الدولة اللبنانية الضروري للرياضيين حقيقة فاعلة وفعّالة تُترجم في المحافل الكبرى. تحيّة احترام وشكر كبيرة وصريحة الى الإتحاد اللبنانيّ الفاعل والداعم والمنتج للتايكواندو وعلى رأسه الدكتور حبيب ظريفة، لا سيمّا على عمل إيمانه، وتعب محبّته، وصبر جهده، وثقة إرادته وحلم طموحه.
كلمة أخيرة، ليتيسيا عون، بين الطب والتايكواندو واصلي مسيرتك، جهدك، شغفك، إيمانك وحلمك. فجرحك بداية شفاؤنا، والفوز بالذهب الأولمبي وإن تأخّر فهو حتماً سيأتي. وأولمبياد لوس أنجلوس (الولايات المتحدة الأميركية) عام 2028 لناظره قريب.

Originally published on ” https://www.alloubnania.com/Newsdet.aspx?id=612664 “

Add Your Comment